ما بعد معركة بأس جنين
بعد
آخر اجتياح لمدينة جنين الذي امتد من خسرنا مجموعة من خيرة الشباب الذين دافعوا عن
المخيم وعن كرامة جميع ابناء فلسطين، وتأثرت البنية التحتية في مخيم جنين بشكل
كبير وشملت هذه التأثيرات مجموعة من الجوانب، يحدثنا عنها المواطنين المتضررين
بشكلٍ مباشر.
تفتح
نتائج تقرير رسمي تم توجيهه إلى وزارة الأشغال العامة أعينًا جديدة على حجم الدمار
الذي طال مباني المخيم وبنيته التحتية. تفيد تلك التقارير أن تكلفة جهود إعادة
بناء البنية التحتية والمنازل في مخيم جنين تقدر بحوالي 15.5 مليون دولار. ولكن
يعتري عدنان أبو حسنة، الناطق الرسمي باسم وكالة "الأونروا"، آمال أخرى،
حيث يكشف بألم عميق عن أن تلك الأرقام تغطي فقط جزءً من الحقيقة المرة، إذ هناك
آثار أخرى تشتاق للإصلاح والدعم. ومن الجدير بالذكر أن هذا الرقم لا يمثل نهاية
المطاف.
يقول
المواطن محمد بما يخص البنية السكنية: البنية التحتية في المخيم تأثرت بشكل سيء
جداً، والوضع أصبح أكثر تحدياً، بيوتنا ومبانينا جميعها لم تستطع مقاومة الضغط
وضربات الاجتياح، حيث ان منزلي احط المنازل التي تعرضت للقصف ولم يبقَ لدينا سكنٌ
يحمينا، والمظاهر الجميلة تلاشت ودُمرت.
اما
ما حصل بالبنية التحتية الاساسية، يقول مواطنٌ آخر يُدعى سامح: تضررت شبكات
الكهرباء والمياه والصرف الصحي بسبب الأضرار الناجمة عن الاجتياح، هذا أثر على
توفير الخدمات الأساسية للسكان وزاد من الصعوبات التي يواجهونها في الحصول على
احتياجاتهم اليومية، وأوصتنا البلدية للترشيد في استهلاك المياه حتى تُحل الأزمة.
من
جانب آخر، يظهر الدمار المدمّر للعيادة المركزية الكبيرة والمدارس الهامة، مما
يجلب للواجهة ضرورة التفكير في استراتيجية شاملة لإعادة الحياة إلى المخيم.
افاد
العديد من السكان: تضررت المدارس والمرافق الصحية في المخيم، مما أثر على فرص
التعليم والرعاية الصحية المتاحة لنا، هذا يعني أن اطفالنا سيواجهون صعوبة في تلقي
التعليم المناسب تحت هذه الظروف، ومرضانا سواء المصابون من الاجتياح أو المرضى
العاديون سيجدون صعوبة في الحصول على العلاج اللازم لهم.
اما
بالنسبة للاقتصاد في المخيم، تأثرت الأعمال التجارية والاقتصادية بشكل كبير، تعرضت
المحال التجارية اما للقصف او لقصف وتدمير الشوارع المؤدية اليها، وهذا قلّص من
فرص العمل وزاد من مشكلة البطالة بين سكان المخيم، يقول صاحب بقالة في المخيم:
قُصف الشارع المؤدي الى المحل، كُسر زجاج المحل بالكامل بفعل الصواريخ التي قصفت
المنازل من حولنا، وسرق جنود الاحتلال غالبية المواد التموينية في المحل، لم اعد أستطيع
اعالة عائلتي الكبيرة في الوقت الحالي، آملين الفرج القريب من الله.
ويقول
الشاب هشام بكل أسى، خسرنا خيرة الشباب في هذا الاحتياج، منذ اليوم الاول للقصف،
قُصف منزل بجانبنا واستشهد فيه الشاب سميح أبو الوفا، كان خير صديق وخير مقاوم.
بالمختصر، أحدث الاجتياح تأثيراً سلبياً كبيراً في المخيم، لذا أصبحت
الحاجة ملحة لإصلاح وإعادة بناء البنية التحتية المتضررة، وهو أمر يتطلب استثمارات
كبيرة وجهود متواصلة لتحسين الظروف المعيشية وتوفير الخدمات الأساسية لسكان
المخيم، ففي أعماق مخيم جنين، تتجاوز قافلة الاغاثة النافذة الأولى، حاملة معها
تجارب المعاناة والأمل المتجدد. بجوار تلك القافلة، تندفع فِرق من أبناء المدينة
بتفانٍ عارم وحماس لا يعد ولا يحصى، نحو مهمة إعادة إحياء المخيم المنكوب، وظهرت
أهمية الوحدة والتعاون بين الشعوب والمنظمات الإنسانية، وفي ضوء ذلك، تأتي دولة
الإمارات العربية المتحدة ببادرة جديدة من الأمل، بمنح مبلغ 15 مليون دولار لدعم
عملية إعادة الإعمار، وهذه المساهمة ليست الأولى من نوعها، حيث سبق للإمارات أن
خطوتها الكبيرة لإعادة بناء المخيم بعد تدميره في عام 2002، لتظل بذلك شريكًا
راسخًا في رحلة الأمل والبناء لأبناء جنين.
تعليقات
إرسال تعليق