سميح أبو الوفا - شهيد العزة والإرادة
في ساحة الصمود والتضحية، يبرز مخيم جنين كرمز للإرادة والبطولة والتضحيات من أجل الحفاظ على الكرامة ونيل الحرية.
من خلال إخلاصه في الدفاع عن أرضه وهويته، صاحب أحد أجمل الصور التي تعكس الإصرار والصمود، مقبلاً غير مدبر، الشهيد سميح فراس ابو الوفا
نشأة سميح وطفولته وحياته:
وُلد أبو الوفا بتاريخ ٢٢/١٢/٢٠٠٣ ، في مخيم جنين، لم يعطِ الدراسة اهتماماً كبيراً وعندما وصل الصف الثامن تغيرت حياته تماماً، وأصبحت حقيبته المدرسية مليئة دائماً بالرصاص أو الحديد الصلب، مع محاولات بدائية في صنع السلاح، وبعد شكوى المدرسين لوالد سميح، وفشل والده في إقناعه بالعودة إلى الدراسة، نقله الى للعمل في المنطقة الصناعية في جنين ليتعلم مهنة (كهربائي سيارات)، خوفاً عليه من الاعتقال او الخوض في الاشتباكات، ولكن رغم ذلك برهن سميح عن عزمٍ جبارٍ وإصرارٍ لا مثيل له في الدفاع عن فلسطين.
ترك سميح الكثير من المواقف اللطيفة التي لا تُنسى، كان حنوناً معطاءً، لم يبخل يوماً بتقديم المساعدات لاصدقائه وعائلته ومن حوله، سواء مادية او معنوية، تذكر شقيقته أنها لو طلبت منه عشرة شواقل، فسوف يعطها اياهن ولو كان لا يحمل غيرهن في جيبه، ويقول والده، كان يحب مساعدة الناس حتى لو على حسابه الشخصي.
مواقف سميح لا تنتهي، تذكر والدته أنه قبل استشهاده بعدة أيام طلب منها أن ترضى عنه وكرر الطلب عنده مرات، وعندما سألته عن سبب طلبه المتكرر، اجابها قائلاً: (يما سمعت انه الي امه بترضى عليه كثير، الله بنوله الشهادة عالبدري).
رحلة النضال:
انضم سميح إلى صفوف المقاومين في المخيم دون علم أهله، يقول والده، بعد الاحداث الاخيرة والاقتحامات المتكررة التي حصلت في جنين (ثار دم) نجله سميح، وكان يقاوم بالحجارة على حد علمهم، لا يعلمون أنه من أشرس وأبرز المقاومين في مخيم جنين، ولأن سميح لم يكن يحب الظهور على العلن بالسلاح، خشية من أن يُتهم بالتباهي والرياء.
لحظة ارتقاء البطل ووصول الخبر لوالديه:
بتاريخ ٢/٧/٢٠٢٣ اقلق صوت الانفجارات والقصف الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي على مخيم جنين والدة سميح، خاصةً أن الساعة تعدت الواحدة صباحاً ولم يعد سميح الى المنزل، قلب الام وخوفها على أبنائها جعل والدته تتصل به ، فتح سميح الكاميرا لتراه مبتسماً، تقول: "هذه أخر صورة رأيته فيها".
وبعد دقائق من الاتصال الأخير، ازداد صوت الانفجارات في المخيم، صوت الطائرة الزنانة اخترق قلب والد سميح الذي سرعان ما سمع هذه الاصوات انتفض من مكانه وخرج الى الشارع يبحث عن ابنه، حتى تلقى اتصالاً من ابنه الثاني محمد يزف إليه خبر ارتقاء سميح، في قصفٍ دمر المنزل الذي كان يحتمي به.
أمّا والدته فلحقت بزوجها باكياً لكنها لم تصل إليه، وجدت احد اصدقاء سميح وطلبت منه أن يوصلها إليه، عند وصولهم لمكان المنزل المدمر واحتمائهم من القصف المستمر، سألت الأم، (وين سميح)، انفجر صديق سميح باكياً وفهمت والدته بهذا أن سميح ارتقى إلى خالقه، وحقق ما كان يتمناه.
مكث جثمان الشهيد يومان في ثلاجات الموتى، يقول فراس، "أصيب سميح بشظايا صاروخ اخترقت (8 سم) قرب القلب إضافة إلى شظايا أخرى اخترقت جسده".
نافذة الشهادة:
![]() |
المجاهد سميح أبو الوفا قبل استشهاده بخمسة أشهر |
تُظهر الصورة بطلاً مجاهداً مقبلاً غير مدبر، لا يريد من الدنيا شيء طالباً الشهادة حتى آخر نفس.
عند انتشار هذه الصورة شكك والدا سميح في تلك الفترة أنها تعود له، لكنّه مع اصرارهما وتأكيد والده ان هذه ملابسه وهذا حذائه، انكر قائلاً، (هذا ليس أنا، وقد أعرت هذه الملابس لصديقي من فترة) وذهب ولم يُفتح موضوع الصورة من ذلك الوقت.
ولكن بعد استشهاده عاد الجدل بين أبناء المخيم حول صورة المقاتل الذي ظهر من نافذة أحد المنازل ليطلق النار صوب جنود الاحتلال الإسرائيلي قبل 5 أشهر تقريبًا من معركة "بأس جنين" إذ أكد والده بأن أصدقاء سميح أبلغوه بأن الصورة تعود لنجله مقدمين له العديد من الصور التي تدل على ذلك.
التشييع:
وبعد يومين من لقاء جثمانه الطاهر في الثلاجات، انسحبت قوات الاحتلال تحمل هزيمتها من المخيم، وتم تشييع جثمانه الطاهر ضمن موكب شهداءٍ مهيب، موكب شهداء معركة بأس جنين.
تعليقات
إرسال تعليق